/ الفَائِدَةُ : (92) /

15/11/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / أَحد الفوارق بين أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وسائر كُمَّل المخلوقات/ / ذوات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ترسانة وحي إِلهيّ لا ينقطع أَبداً/ إِنَّ ترجمة الوحي والعبور من حقيقة من حقائقه إِلى حقيقة أُخرىٰ تتطلَّب من ممارسها أَنْ تكون ذاته ترسانة وحي وعلم لدنِّيّ ؛ ومعرفة إِلٰهيَّة لا نهاية لها ، تساوي ، بل تساوق الـمُترجَم ، وهذا لا يتمكَّن منه مخلوق قَطُّ ـ لا نبيّ مرسل ولا ملك مقرَّب ـ إِلَّا أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وهذا أَحد الفوارق بين أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وسائر كُمَّل المخلوقات ، منهم : سائر أَنبياء أُولي العزم والملائكة المُقرَّبين عَلَيْهِم السَّلاَمُ ؛ فإِنَّه مهما علا شأو وشأن سائر كُمَّل المخلوقات وارتفعت وارتقت مراتبهم ومقاماتهم وفضائلهم وكمالاتهم الْإِلَهِيَّة إِذا قيست إِلى مراتب أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ومقاماتهم وفضائلهم وكمالاتهم الْإِلَهِيَّة أَيْضاً لابُدَّ أَنْ تكون محدودة ، بخلاف مراتب أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ومقاماتهم وفضائلهم وكمالاتهم الْإِلَهِيَّة فإِنَّها ليست محدودة ، ولا توجد نسبة رياضيَّة بين المحدود وغيرالمحدود ، فمهما بلغ المحدود فإِنَّه إِذا قيس إِلى غيرالمحدود يبقىٰ لا شيء وصفراً على جهة الشمال. لكن : هناك خطأٌ فاحشٌ أَرتكبته أَقلام كُتُب مُتكلِّمي المدارس الإِسلاميَّة الأُخرىٰ ، انسحب على بحوث كثير من مُتكلِّمي الإِماميَّة ؛ فإِنَّهم زعموا : إِختصاص بحث الإِمامة الإِلٰهيَّة بالقيادة الإِعتباريَّة ؛ ومن باب عِلْم : السياسة والقانون وما شاكلهما(1)، وهي كما ترىٰ لهجة خدعة ، ظاهرة التَّكليف ، بيِّنة التوليد ، تخطب على نفسها أَنَّها فخفخة قول مِـمَّنْ داخله الشَّكّ ، واستولىٰ عليه الرَّيب ، وأَباطيل خُيِّلت لهم ، وخُلطت عليهم ، ومفتريات اختلقوها من تلقاء أَنفسهم ، وظنون فاسدة ، وتوهُّمات كاذبة أَملتها عليهم أَنفسهم الأَمَّارة بالسوء ، فعميت بصائرهم ، وتاهت أَفكارهم ، وسفهت أَحلامهم ، بل كالشَّمس بلا حجاب وستار أَنَّها على غير أَصلٍ فنيٍّ وقاعدةٍ صناعيَّةٍ ، فيكون منهج خُدعة ، مخالفٌ لِـمَا قامت عليه بيانات الوحي الظافرة الباهرة. ومعناه : إِنكار سعة أَدوار إِمامة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الإِلٰهيَّة ، وتأثيراتها الخطيرة والمهولة جِدّاً ، وسعة أَدوار أَئمَّة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وتاثيراتهم ؛ الَّتي لا تصل إِليها عقول الخلائق ، كغرائب شؤونهم وأَفعالهم وأَحوالهم الَّتي لو جُمعت في كفَّة ، وجُمعت شؤون وأَفعال وأَحوال جملة الخلائق في كفَّةٍ أُخرىٰ لرجحت عليها كما يرجح العرش على الذَّرة ، بل لو قيس كُلّ ما جاءت به جملة سائرالمخلوقات ؛ وجملة شؤونها وأَفعالها وأَحوالها من بداية الوجود والخلقة إِلى ما لا نهاية له إِلى شؤون أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وأَفعالهم وأَحوالهم لكان لا شيء وصفراً على جهة الشمال ؛ لأَنَّ ما يصدر من جملة سائر المخلوقات لابُدَّ أَنْ يكون متناهياً ، وما يصدر من أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ غير متناهي أَبد الآباد ودهر الدهور ـ كما ثبت في محلِّه ـ ولا توجد نِسبَة رياضيَّة بين المتناهي وغيرالمتناهي ، فدائماً يكون فعل المتناهي صفراً بالقياس إِلى غيرالمتناهي ، وإِلَّا ـ أَي : لو أُعطي المتناهي قيمة ولو كانت ضئيلة جِدّاً كالواحد بالمليار ـ لانقلبت ماهيَّة غيرالمتناهي وصارت متناهية ، وبطلان إِنقلاب الماهيَّة من أَوضح الواضحات ، بل هو خُلف الفرض . ومن ثَمَّ نشأ من تلك التعاريف خرق اتَّسع على الراقع ؛ فبان الصبح لذي عينين ، ونشأت منها تشكيكات وشُبهات ، وإِشكالات وتساؤلات لا زالت قائمة إِلى يومنا هذا. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يَنْبَغِي الْاِلْتِفَات : أَنَّه يجب أَنْ لا تُقرأ الظواهر السياسيَّة في حياة المعصوم عَلَيْهِ السَّلاَمُ وسيرته التأريخيَّة بقراءة تاريخيَّة وسيرويَّة وسياسيَّة وقانونيَّة بحتة ، بل لابُدَّ من قراءتها بقراءة عقائديَّة ومعرفيَّة ، ومن البُعد العقائدي والمعرفي الإِلٰهي أَيضاً ؛ وذلك لوجود جانب غيبيّ ؛ وجهة تكوينيَّة إِلٰهيَّة غير متناهية فيه عَلَيْهِ السَّلاَمُ